السؤال : ما حكم إطلاق كلمة "سيدنا" على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأولياء الصالحين؟ وحكم تسمية البشر بأسماء الله الحسنى مثل البصير والعزيز وغيرها؟
الجواب :
الحمد لله
إطلاق لفظ سيدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حق ، لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) وهو سيد العباد والمرسلين ، فإذا قال الرجل : سيدنا محمد ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد . فلا بأس بهذا ، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، وسيد الخلق .
وإنما كره ذلك على الناس في حياته ؛ لأنه خاف عليهم الغلو . لما قالوا : أنت سيدنا قال : (السيد الله تبارك وتعالى) سداً للذريعة ؛ خاف عليهم أن يغلوا فيه عليه الصلاة والسلام ، ولكن بعد أن توفي عليه الصلاة والسلام ، وأخبرنا أنه سيد ولد آدم فلا بأس أن تقول : سيدنا ، عليه الصلاة والسلام ، فهو خيرنا وسيدنا وإمامنا ، وهو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام .
أما بقية الناس فالأولى ألا يقال سيدنا ولا يخاطب بهذا ، لكن لو قيل : فلان سيدهم ، يعني رئيسهم . سيدهم فلان يعني أميرهم ، وشيخ قبيلتهم فلا بأس . مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه الحسن : (إن ابني هذا سيد) وقال : (مَنْ سيد بني فلان؟) وقال للصحابة يوم جاء سعد بن معاذ ليحكم في بني قريظة : (قوموا إلى سيدكم) فهذا لا بأس به .
لكن لا يقول : يا سيدنا . بل تركه أولى ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (السيد الله تبارك وتعالى) ، ولأن هذا يفضي إلى التكبر والغلو فيه إذا قيل له هكذا .
فالأولى أن يقول الناس : يا أخانا ، يا أبا فلان فهذا يكفي ، وأما إذا قيل على سبيل الإضافة : من سيد بني فلان ، هذا فلان سيد ؛ لأنه من بيت النبوة ، أو لأنه فقيه ، أو عالم أو شريف في نفسه في أخلاقه وأعماله أو جواد كريم ـ فلا بأس ، لكن إذا خيف من إطلاق صفة سيد عليه أن يتكبر أو يتعاظم في نفسه يُترك ذلك .
ولا يقال هذا للكافر ولا المنافق ولا العاصي ؛ إنما يقال هذا للشيخ الكبير ، للفقيه العالم الرئيس المعروف بالإصلاح والخير والحلم والفضل والجود .
فإذا قيل لهؤلاء : سيد ، فلا بأس ، أما أن يخاطب : يا سيدنا فتركه أولى ، أما إذا كان الفاجر أو المنافق سيد قومه فلا بأس أن يُقال له : يا سيد بني فلان .
أما الشق الثاني من السؤال : فأسماء الرب تعالى قسمان :
قسم يجوز التسمية به ، وقسم لا يجوز ، لا يقال : خلاق ولا رزَّاق ، ولا رب العالمين ، ولكن مثل عزيز وبصير لا بأس ؛ فالله سمى بعض مخلوقاته كذلك : (فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) الإنسان/2 ، (قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) يوسف/51 ، مثل هذه الأشياء تطلق على المخلوق ، عزيز قومه ، كذا بصير بالأمور ، أو بصير بمعنى المبصر ، كذلك حكيم يعني المحكم فلا بأس بهذه الأشياء ؛ لأنها مشتركة وللمخلوق نصيبه منها .
والله له الأكمل منها سبحانه وتعالى ، لكن الأسماء المختصة بالله لا تطلق على غير الله ، لا يقال الله لابن آدم ، ولا الرحمن ولا الخلاق ، ولا الرزاق ولا خالق الخلق أو ما أشبهه مما يختص بالله سبحانه وتعالى" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
والله أعلم
"فتاوى نور على الدرب" (1/472) .
الإسلام سؤال وجواب