]في الذكرى الأربعين لاستيلاء القذافي على السلطة
ألم يأتي الدور للقضاء على آخر رموز الفساد والقمع والتقتيل؟؟
في الوقت الذي بدأت فيه دول العالم تصبو إلى التغيير نحو الأفضل، وكان مصير الديكتاتوريات الأفول والزوال، وقي الوقت الذي حمل فيه الغرب مشعل الديمقراطية، نجد هذا الأخير مازال يتلمس لنظام العقيد العنيد الأعذار في الوقت الذي لازال فيه هذا الأخير يخادع العالم، ويلعب لعبة المصالح، التي طالت على البعض واستحلاها آخرون، في ما أن شعبنا مازال ينتظر انتظارا طال، أن يأتي الدور على آخر رمز من رموز الفساد والقمع والتقتيل، الديكتاتور القذافي، الذي جثم على أنفاس شعبنا، ونهب خيرات بلدنا ردحا من الزمن بدون حسيب ولا رقيب.
والحقيقة أنه رغم اختلافنا حول الطريقة التي سقطت بها بغداد، وما كلف ذلك من دماء عزيزة من شعبنا العراقي الأبي ومن دخول المعارضة العراقية إلى بغداد الشماء على ظهور دبابات قوى خارجية، فإننا كنا ننتظر على الأقل من الغرب الديمقراطي أن يقدم خدماته إلى شعبنا بالضغط على نظام القهر، الذي يستعد اليوم للاحتفال بالذكرى الأربعين لانقلابه على السلطة والشعب.
والحالة هذه أن العكس هو الذي حصل فقد عرف القدافي من أين تؤكل الكتف، ولعب لعبته في الحفاظ على مصالح الغرب، وبعد اعترافه بمسعاه من أجل الحصول على السلاح النووي، وتفكيكه لمشروع المفاعل النووي، قام القذافي بخطوات أخرى إرضاء للغرب، وحفاظا على مصالحه، وذلك بالموافقة على تعويضات خيالية لضحايا لوكربي وطائرة البانام، وهذه الخطوات لم تكن إلا إرضاء لأسياده سادة النظام العالمي الجديد، الذين صمتوا في المقابل على خروقاته وانتهاكاته لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، وتقتيله للشعب والزج بالمناضلين الشرفاء في السجون.
إن نظام القذافي الذي كان يقوم على تبديد أموال الشعب على منظمات إرهابية، تبث الحقد والسموم بين شعوب العالم، تحول بين عشية وضحاها إلى حمل وديع أو كالحرباء التي تبدل لونها وفق الظروف والأحوال المحيطة بها، وها هو اليوم يبدد أموال الشعب على قادة يقهرون شعوبهم في إفريقيا، ليس لسواد عيون إفريقيا، ولكن إرضاء لنزواته، وهو الذي يسمي نفسه ملك ملوك إفريقيا، مما يدل على أنانيته ونرجسيته المتعالية.
ففي الوقت الذي نجد فيه دولا مثل الإمارات تتمتع بنفس ما نتمتع به من ثروات تقوم بمجهودات حثيثة ومعقلنة من أجل الرقي بشعبها إلى مصاف الشعوب المتقدمة، نجد هذا السرطان المدعو القدافي يبدد أموال شعبنا وثرواته يمينا وشمالا وكأن هذه الثروة التي أنعمها الله علينا لن تنضب في يوم من الأيام، وهو لا تهمه بتاتا مصلحة شعبنا المقهور، بل مصلحته الشخصية ومصالح عائلته وشرذمة من أزلامه وزبانيته.
إن لمن شأن توحيد الصفوف والتكتل في خندق واحد ضد رموز الفساد هو الكفيل في أن يحدث التغيير. إننا نعتقد أن التغيير الجدري يجب أن يتم بسواعد أبناء شعبنا وليس فقط دبابات الآخرين لأن أحفاد عمر المختار قاهر الفاشية قادرون على التغيير والثورة على نظام العقيد الديكتاتور، نظام يستبلد عقول أبناء شعبنا بنظريات تافهة، برهنت على إفلاسها. ورغم ذلك مازال مستمرا في غيه وعناده.
إن من حق أوروبا أن تدافع على مصالحها، لكن ليس على حساب شعب حقوقه مهضومة، وكرامته مداسة، وأبناؤه يقتلون، ويزج بهم قي غياهب السجون، بدون محاكمات عادلة، ويرزحون تحت نير التعذيب والظلم والقهر والهوان، نظام يقوده شخص غريب الأطوار متقلب المزاج، اختلطت عليه الأمور، فأخرج نظاما غريبا استلهمه من كتابه الغرائبي: الكتاب الأخضر بالنسبة إليه، الأسود في تاريخ ليبيا، بالنسبة للشعب.
ادريس سالم