عبرت مصر عن دهشتها لتسريب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى وسائل الاعلام حول العثور على آثار لليورانيوم عالي التخصيب في مفاعل أنشاص النووي شمال شرق القاهرة،
وفي بيان صدر 6-5-20009 أكدت وزارة الخارجية إنه تقرير خاص بالحكومات فقط و"أنه من المثير للدهشة أن تحصل وسائل الإعلام على معلومات متضمنة في تقرير للوكالة، يُنتظر أن يتم الإعلان عنه في اجتماعها القادم في شهر يونيو 2009، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام عديدة حول دوافع البعض في تسريب مثل تلك الأمور".
وقال السفير حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن مصر سبق وأن أوضحت للوكالة ملابسات هذا الموضوع، وأن المسؤولين بالوكالة يتفقون مع التفسير المصري".
وأشار إلى أن "التقارير الإعلامية التي تناولت مسألة عثور الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار ليورانيوم مخُصب في أنشاص، هي تقارير مغلوطة وقديمة، موضحاً أنه صدرت توجيهات لبعثة مصر لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإثارة الأمر والحصول على توضيحات من الوكالة".
وأضاف زكي أن "المسألة تعود إلى عام 2007، وأن الوكالة تؤكد دائماً في تقاريرها أن الأنشطة النووية المصرية ذات طبيعة سلمية، وأنه لم تعد هناك مسائل عالقة في ما يتصل بالتعاون المصري مع الوكالة
وكان تقرير تحدّث عن نشاط الوكالة الدولية في عام 2008 في ما يتعلق بالتحقق من الامتثال لقواعد منع الانتشار النووي، أفاد بأن آثار يورانيوم عالي التخصيب ظهرت في عينات بيئية أخذت من موقع مفاعل أنشاص البحثي النووي في عامي 2007 و2008.
وقال التقرير المؤرخ في 5-5-2009 إن مصر أوضحت للوكالة الدولية أنها تعتقد أن آثار اليورانيوم عالي التخصيب "ربما جاءت الى البلاد من خلال حاويات نقل نظائر مشعة ملوثة"، وأضاف أن مفتشي الوكالة الدولية لم يتحققوا حتى الان من مصدر تلك الآثار، لكن لا توجد مؤشرات على عدم صحة التوضيح المصري.
نفي التخصيب العالي
وبدوره، أكد أحد الخبراء المصريين البارزين رئيس هيئة الطاقة النووية السابق ومؤسس البرنامج النووي المصري الدكتور عزت عبدالعزيز لـ"العربية.نت" أن التقرير "محاولة جديدة من بعض العناصر المعادية لمصر للضغط عليها في عدم استكمال بناء محطات نووية تحت اشرافها ومراقبتها أو تعطيلها عن امتلاك هذه الطاقة بعد قرار الرئيس مبارك انشاء عدد من المحطات النووية للاستخدامات السلمية".
وقال إن "البرنامج النووي المصري في جميع مراحله لم يصل اطلاقاً الى درجة تخصيب اليورانيوم العالية، وإن ما جاء في التقرير خطوة انتقامية ضد مصر بسبب إلغائها التعاقد مع شركة (بكتيل) الخبير الاستشاري الأمريكي في مجال انشاءالمحطات النووية"
وأضاف "لقد كنت أعمل مديراً لمركز البحوث النووية في أنشاص - وهو المفاعل الذي زعم تقرير الوكالة أنها عثرت في أماكن قريبة منه على آثار لليورانيوم - وأؤكد أن هذا المفاعل منذ نشأته لم يصل الى درجة التخصيب العالية لليورانيوم والتي تصل الى نسبة 80% والذي يستخدم كوقود لأسلحة ذرية".
أسباب الضغوط
وأكد الدكتور عزت عبدالعزيز أن "مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقومون بزيارات مستمرة لمصر ولا توجد كميات من المواد النووية في مصر إلا بنسب قليلة وهي معلنة ومتفقة مع شروط الوكالة، وليس لدينا ما نخفيه".
وقال إن "مصر تتعرض لضغوط خارجية شديدة لاعادة التعاقد مع شركة (بكتيل) كخبير استشاري في إنشاء المحطات النووية، وسبق أن تعاقدت معها مصر بمبلغ مليار و200 مليون جنيه، واعترض خبراء الطاقة النووية في مصر على ذلك واستجابت الحكومة المصرية لاعتراضاتنا وأعلنت أمس إلغاء هذا التعاقد".
وأكد" ان مصر باعتبارها عضواً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية من حقها أن تطلب خبراء استشاريين من الوكالة دون أي تكلفة مادية، وهذا ما ستفعله، ولهذا فإن العناصر المعادية لمصر تمارس ضغوطها من خلال سيطرتها على الوكالة لاعادة التعاقد مع الشركة المذكورة، ولكننا سنقف بشدة أمام هذه الضغوط".
وأضاف "أن المعامل المصرية مفتوحة للتفتيش في أي وقت، وأن معظم المفتشين الذين يزورون مصر من حين لآخر لم يكتب أحد منهم أي تقرير عن العثور على أي من آثار اليورانيوم المخصب". مؤكدا "أن مصر لا تمتلك القدرات المادية لانتاج اليورانيوم عالي التخصيب".
من جهته، قال الدكتور يسري أبوشادي رئيس قسم الضمانات بالوكالة الدولية الذرية "إن تقرير الوكالة تم توزيعه على الأعضاء وقدم الى مجلس المحافظين لمناقشته بعد شهر لاتخاذ قرار بشأنه".
وبحسب تصريحاته لصحيفة "اليوم السابع" المصرية الخميس 7-5 -2009 أوضح أبوشادي "أن القضية لها أبعاد كثيرة، وأنه من الممكن أن تتخذ الوكالة قراراً ما في ذلك الشأن أو تطلب متابعة الموضوع، فالقضية تدخل فيها الكثير من الاحتمالات، وإن كانت أبعاد القرار لم تتضح بعد، معرباً عن أمله ألا تأخذ القضية أكثر من حجمها، خصوصاً أن هناك دولاً تحاول تضخيمها".